خوفُ صامتٌ … بقلم / أشرف عبوده

خوفُ صامتٌ

بقلم / أشرف عبوده

يخاف الإنسان من أمور عديدة في العالم الخارجي، فهو ربما يخاف من الفشل ومن الناس ومن المرض ومن أشياء عديدة، ولكن يوجد خلف هذه المخاوف خوفُ صامتٌ وهو الخوف من (مواجهة النفس)، والإنسان دائم التهرب من مواجهة نفسه، ودوماً ينشغل عنها ويُشغِلها، فلا يجد هو ونفسه وقتاً للحديث أو التحاور بخصوص وجودهما في الحياة ووضعهما الآن،  إنك مجرد أن تقابل نفسك التي معك ولكن لا تتواجهان، فإنك ستُوجه لها الكثير من الأسئلة وسترد هي عليك أيضاً بالكثير والكثير من الأسئلة، وكلما كانت أسئلة كل طرف لا أجوبة لها، ضعف الاتصال بينك وبين نفسك وشعرت بفراغ وعزلة، عزلة بينك وبين نفسك، وهذه العزلة قاتلة، مخيفة، كأن شخصاً لديه ثقب كبير في جسمه ينظر إليه ولا يستطيع سدّه وملئه، إن نفسك تُعتبر زوجتك ولذلك أيها الإنسان أنت كائن مُذكّر والنفس مؤنثة، ليحدث بينكما تناغم كبير في الذكورة والأنوثة الحقيقية، ولذلك التزاوج بينك وبين النفس هو أكبر وأعمق من التزاوج بين الرجل والمرأة، لأن علاقة الرجل والمرأة لن تكون مثل علاقة الإنسان ونفسه، ولكي تفهم نفسك جيداً عليك التوقف عن الهروب المشترك، وتحديد وقت للمواجهة ولو استطعت القيام به الآن فقُم.  القيام بجلسة فردية تكون أنت ونفسك ولا يوجد معكما أي طرق (لا هاتف، لا تلفاز، لا انترنت، لا كمبيوتر، إلخ..)البدء في جلسة مواجهة النفس بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم (والوعي بهذا الأمر والشعور به).إسأل أسئلة محورية، اجعل نفسك تسأل أسئلتها، وسنتعلم في دورة (فهم النفس والتحكم بالذات) ما الفرق بين أسئلة (الإنسان) وأسئلة (النفس).قم بتجميع أكبر قدر من الأسئلة المحورية في جلستك النفسية الأولى.لا تستعجل إنهاء جلستك مع نفسك، ولا تستعجلان الهروب. أنهِ هذه الجلسة بطلب الهُدى من الله وأن ينير لك نفسك وأمرك ويشرح لذلك صدرك.

هذه الجلسة الفردية (بين الإنسان والنفس) تُعد جلسة تمهيدية وابتدائية لجلسات كثيرة عليك القيام بها مع نفسك، ولذلك حاول القيام بهذه الجلسة لأجل فتح قناة تواصل خاصة بينك وبين نفسك ولأجل التعوّد على هذا الأمر، وهناك الكثير من الإرشادات التي سنتناولها في دورة (فهم النفس والتحكم بالذات) لمساعدتك على هذا الأمر، لا تنس أنك حينما تكسب نفسك فإنك كسبت العالم بأسره، وحينما تخسرها فإنك خسرت العالم بأسره، أنت لا تستطيع تقدير قيمة وجودها معك، إلا يوم القيامة حين يتفارق الإنسان مع نفسه إن كان في جهنم، ويشعر بكمية من القسوة والفراق الأليم على فِراق جزء منه وهو النفس، تخيّل إنه أصعب بكثير جداً من فراق شخص يُحب امرأة أو امرأة تعشق رجلاً وتركها بكل جفاء، إن فراف الإنسان مع نفسه أشد ألماً من أي فراق حدث لك في حياتك، لأنه فراق بينك وبين جزء من ذاتك، ولذلك يخبرنا الله في الآخرة عن الذين يخسرون أنفسهم (خسروا أنفسهم) فيُكملون الآخرة بلا نفس، وهذه قسوة شعورية هائلة، تأكد أنك لن تخسر نفسك هناك إن كنت أميناً عليها هنا وإن كنت على تواصل جيد معها هنا، وإن كنتما معاً تعبدان الله وتسيران إليه معاً.

شاهد أيضاً

لتبادل الخبرات بالمجالات العلمية والبحثية والأكاديمية: توقيع اتفاقية تعاون بين جامعتي طنطا والزنتان الليبية

لتبادل الخبرات بالمجالات العلمية والبحثية والأكاديمية: توقيع اتفاقية تعاون بين جامعتي طنطا والزنتان الليبية   …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *