الاستدامة …… بقلم : محمد شتلة

الاستدامة

بقلم : محمد شتلة

مدرب بمعهد السلامة والصحة المهنية
المؤسسة الثقافية العمالية 

حول موضوع الاستدامة وما يتميز به هذا الموضوع من أهمية وأولوية ليس على المستوى المحلى فقط وإنما على الصعيدين العربى والدولى نعرض لصورة عامة عن أهم النقاط المتعلقة بهذا الموضوع فى محاولة لرفع الوعى فيما يتعلق بالاستدامة البيئية وتأثيرها على اقتصاديات العالم والبيئة والمجتمع بشكل عام.
فى عام 1983 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً تحت عنوان “اعداد المنظور البيئى لعام 2000 وما بعده”
وذلك بعد أن أدركت الجمعية العمومية للأمم المتحدة فى ذلك الوقت أن هناك تدهوراً كبيراً فى البيئة البشرية والموارد الطبيعية فقررت الأمم المتحدة إنشاء لجنة عرفت باسم ” لجنة بروندتلاند ” نسبة إلى غرو هارلم بروندتلاند رئيسة وزراء النرويج وقتها والتى تم اختيارها نظراً لأنها تتمتع بخلفية قوية فى العلوم والصحة العامة .
وكانت مهمة تلك اللجنة هى وضع استراتيجيات بيئية مختلفة طويلة المدى لكى يتم استخدامها فى التنمية المستدامة حتى عام 2000 وما بعدها.
ويعد تقرير بروندتلاند أول دراسة موثقة ومستخدمة على نطاق ومستخدمة على نطاق واسع بحثت فى تعريف مصطلح التنمية المستدامة فيما يتعلق بالتأثير العالمى للبشر على البيئة.
ويمكن تعريف مصطلح الاستدامة على أنها تنمية وتطوير يلبى احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتهم الخاصة .
وتتضمن الاستدامة ثلاثة أبعاد رئيسة وهى:-
– بعد اقتصادى
– بعد بيئى
– بعد اجتماعى
ومادام الحديث هنا يتعلق بالبيئة تجدر الإشارة إلى أهمية ما يعرف بالتقييم البيئى حيث يتسم هذا الأمر بالجدل إذ يعترض بعض دعاة حماية البيئة على الجهود المبذولة لوضع قيم الدولار على عناصر البيئة والتى لا تقدر بثمن ومع ذلك فإن هذه القيم مهمة للتأكد من أن المجتمع ناجح وغير فاشل فى وضع قيمة الطبيعة فى الاعتبار عند اتخاذ خيارات السياسة والاستثمار حيث لابد على سبيل المثال أن تخضع اللوائح الحكومية لتحليلات تكلفة المنافع للتأكد من أن الاجراءات الحكومية لا تجعل المجتمع عن غير قصد أسوأ حالاً .
إذا لم يكن لدينا قيم بالدولار للفوائد البيئية لعناصر مثل الماء النظيف والهواء فإن تقديرات فوائد التحكم فى التلوث ستكون باستمرار أقل من الفوائد الاجتماعية الحقيقية وستظل السياسات الحكومية فى تناقص بشكل مزمن تجاه جهود السيطرة على التلوث .
وتعد النفايات هى نتيجة ثانوية حتمية لحياة الإنسان حيث يكاد كل نشاط بشرى يولد نوعاً من الآثار الجانبية المادية أو المنتج الثانوى عندما تكون المواد التى تشكل هذه المنتجات الثانوية غير مفيدة أو تم تدهورها بحيث لم تعد تفى بالغرض الأصلى أو أى غرض مفيد أخر بشكل واضح .
ومن الناحية العملية يتم إنتاج النفايات من مجموعة كبيرة من المصادر وعادة ما يتم تصنيفها حسب مصادرها الخاصة تشمل الأنشطة التوليدية المشتركة تلك التى ترتبط بالمساكن والشركات التجارية والمؤسسات وأنشطة البناء والهدم والخدمات البلدية ومحطات معالجة المياه ، ومياه الصرف الصحى والهواء ومرافق الحرق البلدية علاوة على ذلك تتولد النفايات من العديد من العمليات الصناعية بما فى ذلك البناء الصناعى والهدم والتصنيع والمصافى والتوليف الكيميائى ومصادر الطاقة النووية والدفاع النووى
( غالبا ما تتولد نفايات مشعة منخفضة إلى عالية المستوى ) .
ويساهم النمو السكانى والتحضر مع زيادة المنشآت الصناعية والتجارية والمؤسسية فى زيادة إنتاج النفايات وكذلك النمو الاقتصادى السريع والتصنيع فى جميع أنحاء العالم النامى .
أدت هذه التغيرات الاجتماعية والاقتصادية إلى التوسع المستمر فى استهلاك المواد الخام والسلع المصنعة والخدمات ورغم أن هذه الاتجاهات قد أدت إلى تحسين نوعية الحياة لمئات الملايين من الناس إلا أنها لم تتحقق بدون تكاليف باهظة جداً على البيئة لذا أصبحت الإدارة السليمة لمجموعة النفايات ضرورية لحماية الصحة العامة والبيئة وكذلك ضمان النمو الاقتصادي المستدام .
وإذا ما نظرنا بشكل أكثر تعمقا فيما يخص النفايات نجد أنه من المعتقد بشكل عام أن عمليتى الترميد والتخلص من مكبات النفايات يمثلان خيارات مفضلة فى التعامل مع النفايات ورغم ذلك فإن العديد منها لديها القدرة على إعادة تدويرها أو إعادة استخدامها لغرض ما أو بطريقة ما قد يتم استصلاح بعض مواد النفايات أو إعادة انتاجها أو استخدامها مرة أخرى لغرضها الأصلى أو لغرض مشابه ، أو قد يتم تغييرها فيزيائياً أو كيميائياً واستخدامها فى استخدامات بديلة .
ومع استمرار استنزاف الموارد الطبيعية وحيث أصبحت خيارات الحرق والتخلص من مكبات النفايات أكثر تكلفة وغير مستدامة يتم الترويج للعديد من الحوافز الاقتصادية والاجتماعية من قبل الجهات الحكومية لمنع أو تقليل توليد النفايات وتطوير طرق وتقنيات جديدة لإعادة التدوير وإعادة استخدام النفايات ويمكن أن يكون لمثل هذه الجهود آثار أوسع فى الحفاظ على الطاقة وتقليل انبعاث غازات الاحتباس الحرارى التى تساهم فى تغير المناخ العالمى مع تعزيز ممارسات الإدارة المستدامة فى نفس الوقت .
ويرجع تصنيف النفايات الصلبة على أنها نفايات خطرة إذا ظهرت فى أحد تصنيفات النفايات الخطرة التالية:
– نفايات مصدر غير محددة والتى تشمل النفايات من التصنيع المشترك فى العمليات الصناعية مثل المذيبات العضوية المستخدمة فى عمليات التنظيف وإزالة الشحوم
– النفايات الخاصة بالمصدر والتى تشمل نفايات معينة من صناعات محددة مثل البترول أو تصنيع مبيدات الآفات .
– المنتجات الكيميائية التجارية والتى تشمل المنتجات الكيميائية التجارية فى شكلها غير المستخدم.
ومن الثابت أنه يتم توفير خمسة وثمانين فى المائة من الطاقة العالمية عن طريق احتراق ما يسمى بالوقود الأحفورى فقد نما استخدام هذه الأنواع من الوقود ( الفحم منذ العصور الوسطى للتدفئة ، والفحم والنفط والغاز منذ الثورة الصناعية للطاقة الميكانيكية ) بشكل طبيعى من كثافة الطاقة العالية والوفرة والتكلفة المنخفضة لما يقرب من 200 عام من الثورة الصناعية غذت مصادر الطاقة هذه التطورات الهائلة فى نوعية الحياة والنمو الاقتصادى ولكن مع منتصف القرن العشرين بدأت تظهر تحديات أساسية تشير إلى أن حالة السعادة لاستخدامات الطاقة الأحفورية لايمكن أن تستمر للأبد ومن هنا بدأت تظهر تحديات الاستدامة.
وتتمثل تلك التحديات فى عدد من العناصر أهمها على الاطلاق التلوث البيئي والذى لوحظ منذ فترة طويلة فى المناطق الصناعية والذى غالباً ما يتم تجاهله وموارد الطاقة المحدودة والتى يجب معالجتها .
إن الأرض ومواردها الأحفورية محدودة محدودة بشكل لا يمكننا الاستمرار فى استخدام الوقود الأحفوري إلى أجل مسمى .
السؤال ليس هو متى ستنفد الموارد ، بل متى ستصبح باهظة الثمن أو صعبة الاستخراج من الناحية الفنية .
وأخيراً لابد من الإشارة إلى موضوع غاية فى الأهمية وهو ” الطاقة النووية ” فمن منظور الاستدامة تمثل الكهرباء النووية معضلة مثيرة للاهتمام إذ لا تنتج الكهرباء النووية أية انبعاثات كربونية وهى ميزة مستدامة رئيسية فى عالم يواجه ظاهرة الاحترار العالمى الناجم عن النشاط البشرىوالتغير المناخى المحتمل هذا من ناحية ومن ناحية أخرى تنتج الكهرباء النووية وقوداً مستهلكاً يجب تخزينه بعيداً عن البيئة لعشرات أو مئات الآلاف من السنين فهى تنتج البلوتونيوم واليورانيوم من الدرجة التى يمكن أن يحولها الإرهابيون أو غيرهم لتدمير المدن وتسميم البيئة ويهدد البيئة الطبيعية والعمرانية من خلال التسرب العرضى للإشعاع طويل العمر.
على العلماء وصانعى السياسات أن يوازنوا فائدة هذا المصدر للكهرباء الخالية من الكربون مقابل المخاطر البيئية لتخزين الوقود المستهلك لآلاف أو مئات الآلاف من السنين والمخاطر المجتمعية للانتشار النووى وتأثير الانبعاث العرضى للإشعاع من تشغيل المفاعلات

شاهد أيضاً

استغاثة المواطنة ساميه العطافي فى المحلة لمحافظ الغربية

استغاثة المواطنة ساميه العطافي فى المحلة لمحافظ الغربية   عاطف دعبس   هذه شكوى للسيدة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *