بودرة العفريت بقلم / لميس الحو

بودرة العفريت

بقلم / لميس الحو

احوال الناس فى مجتمعنا اليوم يُذكرنى بفكرة كانت تُستخدم فى بعض الافلام السينمائية المصرية القديمة ، وهى فكرة بودرة العفريت ، التى كانت تُحدث نوعاً من البلبلة والزعر والتصرفات الغير مسؤلة من البعض تجاه البعض الأخر ، فكانت تعتبر مشاهد تمثيلية مضحكة ، تجسدت اليوم على أرض الواقع،  وامتد هوس وهلوسة بودرة العفريت إلى الفكر والسلوك الذى إختل او انحرف عن ثوابت مثل القيم والمبادىء والمثل والدين والأخلاق.

يَحضرُنى حدث وقع حديثاً أو موقف آثار جدل الرأى العام وهو تصرف او سلوك لأحد الشخصيات العامة الذى له شعبية ومتابعين، كغيره من الدعاه او المثقفين او الفنانين إلى غير ذلك .

بدءاً ذى بدء، أُحب ان أشير إلى أن هذا التصرف اوهذا السلوك الذى بدر من هذه الشخصية العامه ، اذا كان طبيعياً او سليماً ، أؤكد انه لن تختلف عليه الآراء مطلقاً ولن تنقسم بين مؤيد ومعارض ، حيث استنكرها البعض، والبعض الأخر فسرها على انها نوع من الامتنان الشديد كنوع من التأييد الأعمى لهذه الشخصية .

النقد البناء لا يقلل من قيمة الشخص ولا هو حجر لحريته ، على الرغم من أن الشخصية العامه فى المجتمع يجب ان يكون قدوة ومثل يُحتزى به  فى كل السلوكيات،  ويجب ايضاً ان يُطبق ما يقوله ويُنادى به ويُرشد الناس إليه على نفسه اولا ً، حتى يكتسب إحترام الجميع قولا ً وفعلاً

كرجل الدين الذى يقول قال الله وقال الرسول ثم يُعرض بحُرمة بيته للقيل والقال ، ولا يُطبق فى أفعاله ما يقول .

للتوضيح فقط ليس إلا ، الاصول بتقول ان الامنتنان الشديد لشخص ما ، إما ان يكون بتقبيل رأسه، او المصافحة باليد والشد عليها،  أو احتضانه والربت على كتفه ، او تحيته بإمائه او إنحنائه بسيطة ، او الثناء عليه بكلمات تُثلج صدره،  غير ذلك يسمى رياء ليس له محل من الإعراب سوى المصلحة .

الخلاصة من هذا الطرح وما اصبوا اليه هو الرجوع إلى السلوكيات المنضبطه فقط لا غير .

ونجد شريحة أخرى من المجتمع أصابها هوس ولوس بودرة العفريت،  والتى تمثلت فى حب الظهور الخادع، كمن يرى فى نفسه كاتباً مميزاً يدلو بدلوه بكلمات منقوله وكأنها كُتبت بقلمه ونبعت من بنات افكاره،  والتى ترى فى نفسها إعلامية قديرة وهى لا تمتلك أدنى الإمكانيات التى تؤهلها لذلك، والذى يرى فى نفسه سياسي مُحنك وهو الذى لا يعرف عن السياسة سوى شواشيها ، وتلك الُمتحزلقة المستعرضة بامكانياتها المتواضعه الواهمه انها نجم ساطع فى سماء الدنيا، واخيراً نجد المشككين فى الدين ، المُخرفين المُخربين للعقول ، وغيرهم وغيرهم من النماذج البشرية فى المجتمع،  يبدوا أن بودرة العفريت من نوعاً فعالاً ،أذهبت العقول وأماتت الضمائر وأيقظت شياطين الإنس بكل السلوكيات المنفرة السافرة، والمفاهيم المغلوطة ، لنجد فى النهاية مجتمع اجوف مُذبذب الفكر والعقيدة إلا من رحم ربي.

شاهد أيضاً

التسول الإلكترونى والنصب الأونلاين مقال اشرف عبوده

التسول الإلكترونى والنصب الأونلاين مقال اشرف عبوده لا شك في أن التسول ظاهرة قديمة لكنها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *