نحو مقاربة جديدة في تحليل الأزمة التربوية بقلم الدكتور/ محمد طه – كيلة التربية – جامعة طنطا

نحو مقاربة جديدة في تحليل الأزمة التربوية

بقلم الدكتور/ محمد طه

كيلة التربية – جامعة طنطا

           

يجدر بنا عند تحليل المسألة التربوية أن نأخذ في اعتبارنا ثلاثة محاور أساسية وأن نسعي إلي تحليل طبيعة العلاقة القائمة بين هذه المحاور:

أولا : المربون وهذا يعني جملة القائمين علي العملية التربوية من اباء وأمهات ومعلمين.

ثانيا : المتربون ويمثلون مجتمع الأطفال والناشئة والشباب وكل الذين يحتاجون إلي المساعدة من أجل نموهم وتكيفهم.

ثالثا : الوسط ونعني به العمليات التي تتم بين المربي والمتربي كالوسط العائلي واوسط المدرسي ، فالوسط هو الاطار الذي يحوي ايضا كل مايمكن مشاهدته ولمسه اي كل مايمر به الناشئة في الشارع وفي المنزل وفي المدرسة وغيرها.

فالعملية التربوية هي لقاء وتفاعل بين هذه العناصر المختلفة ، فالمربون يعملون علي مساعدة المتربين في الوصول إلي حالة التكيف التي يقتضيها الوسط الإجتماعي ويتبنون لتحقيق ذلك انماطا من الفعاليات التربوية والثقافية التي تعلموها في اطار حياتهم ووسطهم الإجتماعي ،فالطرائق التربوية ا لتي يعتمدها المربون في عملهم غالبا ماتنتمي إلي الأطر المرجعية الثقافية التقليدية لعهد طفولتهم وصباهم وهي في اكثر الاحيان تتسم بكونها طرق وأساليب تقليدية لاتنسجم مع طبيعة العصر وطبيعة التغيرات الجارية فيه ،وهنا تكمن عقدة المسألة وذلك عندما يعتقد هؤلاء المربون بكفاية الطرق القديمة وعندما لايأخذون بعين الاعتبار اثار وتنوع التغيرات الإجتماعية الجارية علي حياة الناشئين التربوية والفكرية .

وتكمن المشكلة اليوم في ارتفاع نسبة المربين الذين يربون وفقا لتصوراتهم الخاصة ووفقا لمنهج تربوي يتميز بالأنانية وذلك دون وعي منهم بالأثار ونتائج ممارساتهم التربوية ،فالتربية التسلطية علي سبيل المثالوالتي تسعي إلي إخضاع الأطفال وتشكيلهم وفق قوالب جاهزة هي تربية جاهلة للحياة وشروط الوجود المتجدد.

ولذا علينا ان ننطلق في كل عمل تربوي من مبدأ التربية لزمن متغير ، فالتربية اليوم ليست للتكيف مع ماهو قائم فحسب بل يجب ان تكون تربية قادرة علي احتواء الجديد وتمثله في حركة دائمة لاتنقطع ، والحكمة في ذلك أن نمنح الناشئة قدرة متجددة ،والتكيف مع الجديد وتمثله دون الوقوع في الأزمة التربوية التي نعاني منها اليوم والتي قد تسقطنا خارج مسار الزمن ودورته وتكرس فينا احساسا عميقا نلامسه بالغربة والإغتراب عن روح العصر الذي نعيش فيه .

 

 

 

شاهد أيضاً

التسول الإلكترونى والنصب الأونلاين مقال اشرف عبوده

التسول الإلكترونى والنصب الأونلاين مقال اشرف عبوده لا شك في أن التسول ظاهرة قديمة لكنها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *