الورقة الخضراء والتضخم ” العدو الأول”   بقلم / اشرف عبوده

الورقة الخضراء والتضخم ” العدو الأول”

  بقلم / اشرف عبوده

 

سيطرت أجواء الغلاء على الأسواق المصرية، في فترة حرجة دعت خبراء اقتصاد إلى المطالبة بضرورة جعل التضخم “العدو الأول” الذي يجب التخلص منه، حماية للمستهلكين والمستثمرين على السواء، حتى لا يزداد الاقتصاد تدهوراً ويخشى مصنعون من تصاعد التضخم بما يدفع الأسواق إلى مزيد من الركود التي تعيشه حالياً، حيث تدفع الحالة الاقتصادية المتراجعة المواطنين إلى التوقف عن الشراء، للسلع غير الحيوية للاستهلاك اليومي، وتخفيض شراء مستلزماتهم من الأطعمة والمشروبات، وتوقفهم عن استهلاك منتجات أخرى، في ظل تراجع القوة الشرائية للجنيه، وارتفاع الأسعار.

على الرغم من أن «موجة ارتفاع الأسعار المنتشرة في الأسواق؛ نابعة في الأساس من التجار»، وعلى «الجهات المعنية للتحرك بصورة أكثر قوة لإعادة (ضبط) الأسواق ومواجهة الاحتكار، وأي محاولات للتلاعب وضرورة متابعة نبض الشارع والاستجابة الفورية إلى شكاوى المواطنين والعمل علي حلها والتنبيه على القيادات التنفيذية ورؤساء المجالس والمدن والأحياء بسرعة الرد والاستجابة لشكاوى المواطنين

أنّ استمرار معاناة الأسواق والمستهلكين من ارتفاع الأسعار، يدفع الناس إلى عدم الثقة بمعدل التضخم الرسمي المعلن، وبمرور الوقت يصبح التأثير التراكمي للتضخم المستمر كبيراً جداً، ما يُسرع من معدلات تضاعف الأسعار، بما يتجاوز تصورات المستهلكين، ويخيف المستثمرين ويزيد الأعباء الحكومية، التي تندفع تلقائياً إلى مزيد من القروض، لمواجهة أزمة تظل متصاعدة بلا حدود

رغم أن الحكومة تقول إنها كثفت جهودها لمكافحة غلاء الأسعار في مصر إلا أنها لم تستطع التخفيف من معاناة المواطنين الذين اعتبروا أن هذه الايام هو الأصعب مجتمعياً ومعيشياً منذ أزمة تعويم الجنيه

علما بان الأجهزة المعنية بقياس الرأي العام رصدت غضباً شعبياً غير مسبوق في تقارير لها، ومنذ ذلك الوقت وهناك اجتماعات مستمرة بين المسؤولين وقيادات بجهات سيادية؛ لإدارة الأزمة والبحث عن حلول ناجزة، لتهدئة المواطنينوإن الدولة على الرغم من إلقائها اللوم على التجار فإنها اتبعت ما تنتقده، حيث رفعت سعر زيت الطعام مرتين، وأقدمت على رفع أسعار بعض السلع التموينية بمجرد ارتفاعها عالمياً، وذلك قبل أن ينتهي المخزون لديها، كما يفعل التجار في العادة، فهي من أعطت إشارات للسوق بطريق غير مباشر، عندما قامت بزيادة أسعار السلع، وكان عليها أن تكون نموذجاً يقتدي به التجار. بالرغم من المواطنين يتعرضون لما يشبه المطحنة، حيث ارتفعت الأسعار مرتين؛ الأولى أرجعتها الحكومة لتبعات الحرب الروسية الأوكرانية، أما الثانية فكانت بسبب قرار البنك المركزي تحريك سعر العملة وانهيار الجنيه أمام الدولار،  وعلى الحكومة توفير منافذ متحركة وثابته للبيع بأسعار مخفضة.

أن غلاء الأسعار في مصر شمل سلعاً كثيرة لا علاقة لها بروسيا ولا أوكرانيا وتنتج محلياً مثل الدواجن واللحوم والبيض والأرز والكثير من الخضراوات

والسؤال هنا…هل لدى الحكومة آليات لضبط الأسعار..؟ وهل هناك مستفيد من عدم تفعيل دور جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية..؟ وإعمال نص المادة 10 من القانون رقم 3 لسنة 2005 الذي يجيز بقرار من مجلس الوزراء تحديد سعر بيع منتج أساسي أو أكثر لفترة زمنية محددة بعد أخذ رأي الجهاز وتتوقع محللة الأسواق أن تشهد الفترة القادمة ارتفاعاً آخر في أسعار المنتجات بالسوق المحلية بنسب متفاوتة، نتيجة ارتفاع تكلفة التوريد، موضحةً أن الحياة اليومية محكومة بتقلبات الورقة الخضراء، متوقعةً أن تقفز الأسعار في الفترة القادمة وتخرج عن السيطرة.

وبالرغم ان  الحكومة المصرية تبذل جهوداً موسعة من أجل وقف الممارسات الاحتكارية ومحاولات التلاعب بأسعار السلع. كما تناشد المواطنين من وقت إلى آخر بـ«الإبلاغ عن المحتكرين». وتدفع الحكومة المصرية بـ«حملات الرقابة» و«منافذ السلع المخفضة» لمواجهة أي «غلاء في الأسعار»و تؤكد أجهزة الدولة (الدفاع، والداخلية، والتموين، والتنمية المحلية) ، أنه «لا تهاون مع محتكري السلع الغذائية، ومع مفتعلي الأزمات ورفع الأسعار»، وسط جولات لمسؤولين على الأسواق لمجابهة «أي ارتفاع في الأسعار». بأوامر رئاسية؛ لاتخاذ تدابير عاجلة لتهدئة المواطنين وطمأنتهم بحملات مستمرة؛ لملاحقة التجار المحتكرين للسلع وضبط الأسواق، ووصلت عقوبة احتكار التاجر أي سلعة إلى الحبس لمدة عامين وغرامة تتراوح بين 500 ألف جنيه ومليون جنيه، فضلاً عن مصادرة البضائع والسلع وعرضها بالسعر الرسمي في المجمعات الاستهلاكية.

أن الدولار في السوق السوداء لا يستخدم في الإفراجات الجمركية، وبالتالي فهي ليست السبب وراء ارتفاع سعره في السوق السوداء، لكن ربما يكون الأمر مرتبطًا بالأجانب الموجودين في مصر للعمل، والذين يقومون بتحويل الدولار للخارج، وغيرهم من الاخوة الاعداء لشعب مصر، ومن ثم يشعلون أسعار السوق السوداء خاصة، وأنهم لن يهتموا بالسعر بقدر ما يهمهم هو تحويل الأموال إلى عائلاتهم.أن نقص تحويلات المصريين بالخارج جاء نتيجة لارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء، فأصبح العاملون يرسلون الأموال بصورة غير رسمية ويتم بيعه في السوق السوداء للحصول على أعلى قيمة.

وتفاقمت أزمة وجود سعرين لـ الدولار في السوق المصري بسبب نقص السيولة في القطاع المصرفي، مما أدى إلى ارتفاع سعر العملة الخضراء في السوق السوداء إلى 29 جنيهًا مقابل 24.70 جنيهه في البنوك، وذلك بعد أن تراجع من 36 جنيها، خلال اليومين الماضيين، وهو ما أثر بالسلب على تحويلات المصريين في الخارج، ومن ثم على الاستثمارات الأجنبية التي لن تدخل مصر في ظل وجود سعرين للدولار.

أن موافقة صندوق النقد الدولي على منح مصر قرض جديد سيمكن البنك المركزي من لعب  دور أكبر فى تحقيق استقرار سعر الصرف، وعلى البنك المركزي بتوفير مبالغ في البنوك بغرض الاستيراد وتسهيل تحويلات للأجانب العاملين فى مصر، وهذا سيساعد في تحديد قيمة ما يقوم العاملون الأجانب بتحويله إلى الخارج شهريا، ويمكن أن يكون سعر الدولار المتاح لهم أعلى من السعر الرسمي وهذا ما يقوم به عدد من الدول.

أن نجاح الحكومة في توفير الدولار يتوقف على قدرة الدولة في الحصول على موارد دولارية من خارج الصندوق، وتحفيز الموارد الدولارية من السياحة وتحويلات العاملين والتصدير للخارج، وبيع بعض الخدمات السياحية بحق الانتفاع، والحصول على ما يقرب من 50-60 مليار دولار سيكون وقتها سعر الصرف في مرمى البنك المركزي، وسيحدد السعر التوازني المناسب، وسيجبر السوق السوداء على الاختفاء، وسيحد سعر الصرف، وسيكون في حدود من 20 إلى 22 جنيهًا للدولار، وربما أقل من 20 جنيهًا للدولار إذا ما رغب البنك المركزي حينها.

وعلى الشعب المصرى ان يساعد نفسك ويساعد الحكومة حتى لاتزيد نسبة التضخم ويحجب على التعامل مع السوق السوداء .

 

 

 

 

شاهد أيضاً

لتبادل الخبرات بالمجالات العلمية والبحثية والأكاديمية: توقيع اتفاقية تعاون بين جامعتي طنطا والزنتان الليبية

لتبادل الخبرات بالمجالات العلمية والبحثية والأكاديمية: توقيع اتفاقية تعاون بين جامعتي طنطا والزنتان الليبية   …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *