لقد أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، فهي منصة للتواصل والتعبير وتبادل الأفكار. ولكن مع هذا الانتشار الواسع، ظهرت سلوكيات سلبية تؤثر على العلاقات الإنسانية، ومن أبرزها استخدام السب والشتم، خاصة عندما يستهدف الأهل والأخوات. إن تحويل هذه المنصات إلى ساحة للمعركة اللفظية ضد أقرب الناس إلينا له آثار مدمرة على النسيج الأسري والمجتمعي.
من المفارقات المؤلمة أن الأشخاص الذين تربطنا بهم أعمق الروابط العاطفية يصبحون هدفًا للغة عنيفة ومؤذية على مرأى ومسمع من الجميع. إن سهولة إخفاء الهوية أو التعبير عن الغضب اللحظي خلف شاشة تخلق وهمًا بالحصانة، مما يشجع البعض على تجاوز حدود الأدب واللياقة التي قد يلتزمون بها في التفاعلات وجهًا لوجه.
إن استخدام الكلمات البذيئة والجارحة ضد الأهل والأخوات على وسائل التواصل الاجتماعي يحمل في طياته العديد من المخاطر
لقد أصبحت الكلمات الجارحة تخلق جروحًا عميقة يصعب شفاؤها. ومع مرور الوقت، يمكن أن تتراكم هذه الجروح لتُحدث شرخًا دائمًا في العلاقة بين أفراد الأسرة.
ان فقدان الاحترام هو أساس أي علاقة صحية. عندما يتحول الحوار إلى سب وشتم، يتلاشى الاحترام تدريجيًا، ويحل محله شعور بالاستياء والنفور.
ان التعرض للإهانة والشتائم، خاصة من قبل الأشخاص المقربين، يمكن أن يؤدي إلى مشاعر الحزن والغضب والقلق والاكتئاب. كما يمكن أن يؤثر سلبًا على صورة الذات والثقة بالنفس.
عندما يشاهد أفراد العائلة الآخرون هذا النوع من السلوك، خاصة الأطفال والشباب، قد يعتبرونه أمرًا طبيعيًا أو حتى مقبولًا، مما يؤدي إلى تكراره في تفاعلاتهم الخاصة.
مما يؤدى الى تشويه الصورة العامة للعائلة، وتصبح الخلافات العائلية والكلمات المسيئة علنية، مما قد يؤثر على سمعة العائلة في محيطها الاجتماعي.
إن معالجة هذه المشكلة تتطلب وعيًا وجهدًا من جميع أفراد المجتمع. يجب التأكيد على أهمية الحفاظ على لغة مهذبة ومحترمة في جميع التفاعلات الرقمية، خاصة تلك التي تجمعنا بأفراد عائلاتنا. كما أن تعزيز ثقافة الحوار البناء وحل الخلافات بطرق سلمية داخل الأسرة يلعب دورًا حاسمًا في الحد من هذه الظاهرة السلبية.
إن وسائل التواصل الاجتماعي أداة قوية يمكن أن تستخدم لتعزيز العلاقات وتقويتها، ولكن إساءة استخدامها يمكن أن تحولها إلى أداة للدمار. فلنجعل من هذه المنصات فضاءً للتواصل الإيجابي والاحترام المتبادل، خاصة عندما يتعلق الأمر بأقرب الناس إلى قلوبنا: أهلنا وأخواتنا. فالكلمة الطيبة صدقة، والكلمة الجارحة جرح قد لا يندمل أبدًا.