أخبار عاجلة

النفاق الاجتماعى بقلم / أشرف عبوده

النفاق الاجتماعى

بقلم / أشرف عبوده

 

المجاملة شيء طيب فهي من الجمال والتودد والتلطّف، وهي خصلة مطلوبة بين الناس لإبقاء العلاقات الإنسانية مُتماسكة وهي ضرورة من ضروريات الحياة، أما النفاق فهو من النفق أي المكان المظلم الذي يختفي فيه الإنسان، ويكون النفاق فيه مصلحة ومن تجلياته السكوت عن الخطأ، والتملّق لنيل الرضى خوفاً من الفقدان والخسارة لمن هم في مواقع السلطة وصنع القرار”.

وربما جاءت مواقع التواصل الاجتماعي لتزيد وتظهر حالة النفاق الاجتماعي الذي نراه أكثر، بسبب ما تشهده من نشر لصور وتعليقات، ما يخلق هذه الحالة من التعجب ما بين حقيقة مشاعر الإنسان وما يظهره على هذه المواقع من علاقات مزيفة. ان مواقع التواصل تخفي المشاعر الحقيقة للناس، فلا يعرف الشخص فعلاً هل هذه الصورة دليل حب وتوافق أم هي فقط من باب المصلحة والاستعراض.

هناك الكثير ممن يعتمدون بشكل أساسي على أسلوب النفاق الاجتماعي ليكون جسر عبور إلى احتياجاتهم بطريقة غير مباشرة، ويتفاقم استخدام هذا الأسلوب في البيئة التي يكثر فيها التنافس بين الموظفين الذين يسعون وراء المناصب والألقاب حتى ولو كان بالتسلق على أكتاف الآخرين.

بعض الناس وصلوا لدرجة المبالغة في النفاق البعض الآخر نسمعهم ونقابلهم في وسائل المواصلات والشوارع ونجدهم لا يكفّون عن شتم ولعن بعض المسؤولين، وبعد وقتٍ قصير نجدهم ذاتهم يمدحون ذاك المسؤول على صفحته الشخصية وعلى وسائل التواصل الاجتماعي وهذا نفاق”.

إنّ البعض يحب أن يسمع الكلام الجميل المنافق، {وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} [التوبة:47] فبعض المسؤولين -مُنذ القِدم- كانوا يستدعون بعض الأفراد أو الشعراء وظيفتهم هي مدح المسؤول، ففي عهد المماليك حدث زلزال كارثي كبير، فجاء أحد الشعراء يتقرب للسلطان ويمدحه قائلاً: “وما زُلْزِلت مصر من كيدٍ أَلمَّ بها ولكنها رقصت من عدلكم طرباً”!

واستدرك قائلاً: “لكن هناك موقف آخر، يظهر الحاكم الصالح حين تُذكّره حاشيته بعيوبه، فعندما دَخلَ أبو العَتاهية على الخليفةِ هارونَ الرشيد حينَ بَنى قَصرَهُ، وزَخرَفَ مَجلِسَهُ، واجتمعَ إليه خَواصُّه، فقال له هارون الرشيد: صِفْ لنا ما نَحنُ فيه مِن الدنيا

فقال: عِشْ ما بدا لك آمناً * في ظلّ شاهِقَةِ القُصورِ
يُسعى إليكَ بما اشتهيتَ * لدى الرواحِ وفي البُكور
فإذا النفوسُ تقعقعت * في ضيقِ حَشرَجَةِ الصدور
فهُناك تَعلمُ مُوقِنًاً * ما كُنتَ إلاّ في غُرور

فبكى الرشيدُ بكاءً شديداً حتى رُحِم، فقال له الفضل بن يحيى: بَعثَ إليكَ أميرُ المؤمنين لِتَسُرَّه فأحزَنتَه، فقال له الرشيد: دَعهُ فإنه رآنا في عَمىً فَكَرِهَ أنْ يزيدَنا عمىً.

أنّ “الأصل ألّا يفرح المسؤول بمن يمدحونه، بل يفرح بمن ينتقدونه؛ لكي يُقوّم نفسه

يحتاج الأفراد إلى المصداقية في التعامل بمحاربة كل أشكال النفاق الاجتماعي في جميع الوسائل المتاحة بالأخلاق التي لها دور في تحصين الأجيال من الانزلاق في مستنقع النفاق. والعمل على بناء حياة عصرية قائمة على الصدق والقيم الأخلاقية والدينية، وبالتالي تضمن الدول الرقي الحضاري في المجتمع مهما شهدت من تطورات.

عندما يأتي شخص لا يملك القدرات والمؤهلات ويصبح أعلى منصباً ممن هو أكفأ منه، فهذا الأمر يفتح الباب أمام الناس للخوض في مسألة النفاق؛ للوصول لمبتغاهم، وهو أمر غير مبرر لكنه يُساعِد على إنشاء ظاهرة النفاق، لكن عندما يسود العدل والإنصاف، ومن يجتهد في عمله يصل لمكانٍ مُميز باجتهاده وقدراته، فبالتأكيد ستتراجع نسبة النفاق، على حد تعبيره.

ولا يمكن الحكم على سلوكيات الإنسان من خلال تصرفاته على مواقع التواصل كونها جميعها لها حسابات معينة، لافتاً إلى أن المبالغة في النفاق أمر سلبي مهما كانت العلاقة.

أصبح الشخص الصريح والصادق غير مرغوب فيه، مبينا أن المعاني الاجتماعية تغيرت وانعكست والمفاهيم اختلفت، وبات الشخص يصفق للمنافق ويطرب لحديثه، ما يجعله يزيد في هذا النفاق. ويشير مطارنة الى أن الشخص لابد أن يكون لديه موقف ومبدأ ولا يتبع أي وسيلة فيها نفاق.

 

شاهد أيضاً

تهنئة خاصة للاستاذ الدكتور طارق المحمدى لحصوله على درجة الاستاذية

تهنئة خاصة للاستاذ الدكتور طارق المحمدى لحصوله على درجة الاستاذية   تتقدم اسرة جريدة أنباء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *