اشرف عبوده

فراق الخميس والاربعاء … بقلم / أشرف عبوده

فراق الخميس والاربعاء

بقلم /  اشرف عبوده

 

دائما فى تريب أيام الاسبوع يحضر يوم الاربعاء قبل يوم الخميس  واليوم اختلفت الامور ، كان يوم الخميس فرح ابنتى وابنة صديق عمرى قبل فرح كريمتى وابنتى بأسبوع  ، مشاعر كثيرة مختلطة تنتابي لا أعلم أهي فرح أم حزن أم ماذا، ولم أجد مفراً لما أنا فيه سوى أن أكتب وأفضفض معكم عما فى داخلى لعلي أستريح ، كنت أنظر للأمهات وأقول لماذا يبكين يوم عرس ابنة من البنات وأستعجب ،أليست كل أم تتمنى ذلك اليوم بل أنها تدعو الله دائما به وتخاف أن تموت قبل أن ترى ابنتها عروساً ، أليست كل أم تتمنى ذلك اليوم وتخاف أن يطول الانتظار حتى يأتي فارس أحلام ابنتها كما يقولون ، فلماذا البكاء لماذا هذا الألم الذي يعتصر قلب الأمهات حين ترى ابنتها وهي تزف لعريسها .

فاليوم القصة تختلف هو حكاية حزن صديقى العزيز ، صديقى الوفى ، صديق بمعنى الصداقة ، من بين مواجع الألم ولوعة الفرح يحضر العذاب في أجساد الآباء والأمهات .

سأكتب اليوم عن ابنتى وابنة صديق عمرى التي زُفّت إلى عريسهما فى أسبوع واحد ، في حفلتان جعلني أكتشف كيف يختلط الحزن بالفرح في حفلة واحدة… القليل من الحزن والكثير من الفرح،  بالرغم من اننى مررت بهذه التجرية  عند زواج ابنتى الكبيرة منذ عامين و أعرف أن البنت إذا تزوجت تترك بيت والديها، وتصبح علاقتهما علاقة زيارة بعد أن كانت إقامة دائمة.

فكان صديقى حزين جدا قبل موعد زفاف كريمته ، كان ممتلئ بالهموم ، الدموع تزف فى عيونه ، لم يفكر أن ابنته التي عاشت معه عشرين عاماً، ليلاً ونهاراً، ستغادر إلى بيت آخر وعائلة أخرى، وتسمي هذه اللية ، ليلة الرحيل تلك: ليلة فرح!

لم يعترض، صديقى على هذا و لكنه يتأمل كيف نتقبل هذه السنن الكونية أحياناً دون أن نتأمل في أعراضها ونتائجها وآثارها علينا… المفرحة والمحزنة.

ارتبكت حياة صديقى لاكثرمن اسبوعين من زفاف كريمته  وكأن حياته انقلبت رأساً على عقب  ، فكان ما عليه ان اطمئن صديق عمرى انها سنة الحياة وان هذه اللحظة التى كنت تنتظرها لتزف بها بناتك واولادك ، هذه المشاعر غالباً ما تختلط المناسبات السعيدة بمشاعر الخوف والأمل والألم والسعادة ورغم تناقضها الواضح لدى أم العروسة أو أبو العروسة الا أنها مؤشر إيجابى يوضح الحالة التى تمر بها نتيجة قلقهما على مستقبل إبنتهما وهى دليل على المحبة الشديدة التى تخشى أن تنقطع أو تقل قوتها فيما بينهما ، وهذه التناقضات الإيجابية غالبا ما تحدث فى مجتمعاتنا الشرقية لانها جزء من التراث الثقافى لدينا، هى ليست موجودة بهذا الشكل الواضح فى المجتمعات الغربية التى لم تعتد مثل هذا النوع من الارتباط بين الآباء والأبناء.

أنت ياصديقي نبع كل الأشياء الجميلة، نبع الحنان والاطمئنان، نبع الصواب الذي أنظر إليه، أنت ياصديقي دليلي إذا ادّلهمت بي الخطوب، أعود إليك إذا ابتعدت، وأعود إليك إذا ضاقت عليّ أمور الحياة فتخفف عني بكلماتك الجميلة، فتغدو كل أموري كما لو أنه لم يحدث شيء، ياصديقي أنت نبراسٌ في حياتي، لا يجب أن ينطفئ، وأنت ساعدي الأيمن وأصابع يداي

حينما جاء موعد زفاف إبنتى.. وإرتدت فستان الزفاف بلونه الأبيض ظهرت كأميرة متوجه ، لحظتها تمنيت أن تصمت الأغانى وتتوقف زغاريد النساء حتى أسمع دقات قلبى وهى تتراقص وتنتفض بداخلى كأنه يقيم احتفالا خاصا بها.

هذه هى مشاعر أب فى هذه الساعات النادرة من عمرها وعمر ابنته.. أمتزجت مشاعره بالفرح تارة وبالخوف تارة آخرى، فطفلته ذات الضفائر الطويلة قد أصبحت  عروسة وبعد ساعات ستصبح زوجة لها مملكتها الخاصة، بصراحة ستتركنى وتذهب الى بيتها الجديد وهذا ما كان يخيفنى التفكير فيه فى هذه اللحظه، لانها الابنه الشقية خفيفة الظل المرحة  ذات الشخصية الذكية المستقلة، فكانت لى الحنون والوفية والمتأثرة بى سواء فى مرضى او فرحى ، تذكرت  خلافاتنا حول إختيار أثاث منزلها، وغضبها حينما كنت أرفض شراء ما تريده ،ولكننى أعترف اننى كنت ضعيف أمام ماتطلبه فأرفض وأثور وأغضب ولكن أفاجئها بإننى قمت بشراء ما تريد، فكانت تبتسم وتلمع عينيها وتضمنى إليها ، فيضيع أى شعور لى بالاجهاد، ولا أملك الآن ـــ وهى فى زراع زوجها ــ سوى تقبيلها والدعوة لها بالسعادة من كل قلبى .

ابنتي الغالية                              

بالأمس كنتِ معي واليوم مع زوجك أصبح بقدرة الله تعالى شريك حياتك بعقده الشرعي عليك ستكونين سيدة السيدات.. بعدما كنتِ آنسة تؤنسين حياتي ،هذه سُنة الحياة التي قدرها الرحمن لك .. لابد أن نحمده جميعاً عليها
ابنتي الغالية

أوصيك بمخافة الله في شريك حياتك في السر والعلن والمحافظة على الصلاة في أوقاتها لتزيدك نوراً على نور

ابنتي الغالية        
كوني فارسة أحلامه سيكون فارس أحلامك ، كوني أمه سيكون ابنك المطيع، كوني كل شي في حياته ستكونين له وحده وسيكون لك وحدك

ابنتي الغالية

اجعلي أساس حياتك قوي ومتين لا تجعليه يتصدع مع مرور الزمان خططي وارسمي لهدف بعيد ولا تتوقفي عند الصعاب

اللهم لك الحمد فيما أعطيت ولك الحمد فيما أخذت سبحانك لا حول لنا ولا قوة بدونك يا رحيم ، اللهم لقد حملتني أمانة عندما رزقتني بابنتي فالحمد لك وحدك لمساعدتي في المحافظة عليها ، اللهم اعني على تربية أخواتها مثلما أعنتني على تربيتها يا ذا الفضل المعين، اللهم هاهي أمانتك تنتقل من بيتي إلى بيت زوجها فاعنه على المحافظة عليها مثلما أعنتني، اللهم انك تعلم أن أخطاءنا كثيرة فاغفر لنا ما تقدم منها وجنبنا كل ما سيكون منها في حياتنا ، اللهم اشهد باني سامحت ابنتي في جميع أخطائها وراضِ عنها تمام الرضى فأرض عنها واغفر لها أخطائها يا غفور يا رحمن يا رحيم يا ذا الفضل العظيم ، اللهم إني استودعتك ابنتي لتدخلها قلب زوجها وسمعه وبصره ولسانه وفرجه في ودائعك فأحفظها يا من لا تضيع ودائعه سبحانك انك أنت الحفيظ

وسامحنني إن كنت أزعجتكن بتلك الفضفضة التي كتبتها بدموعي ويشهد ربي على ما زرفته من دمع وأنا أكتب ولا تنسوني من الدعاء لعل الله ينزل السكينة علي  رب يصلح أحوالنا جميعا ويرزق كل فتاة بالزوج الصالح ويربط على قلوب الأمهات والأباء

 

أقرأ أيضا :

**ماتت أمى .. هل تشاركوني عيدها

 

شاهد أيضاً

مبادرة ” الطفل الجميل” بقلم- د- راندا الديب

مبادرة ” الطفل الجميل” بقلم- د- راندا الديب   للعام الرابع علي التوالي أسعى لتعديل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *